إن تدبر القرآن الكريم هو أمر واجب على كل من يحمل عقلا يفكر به حسب ما يسمح به ظرفه وما يتيسر له من وقت فالقرآن ليس حكراً على أحد وهو كتاب أنزله الله لكل البشر وليس لفئة محددة من العلماء والمختصين; لذلك أدعو جميع إخوتي وأخواتي من القراء أن يعطوا شيئاً من وقتهم لتأمل آيات القرآن وأن يقدموا شيئاً لهذا القرآن أقل ما يمكن أن نتدبر القرآن عسى الله أن يرحمنا و أن يجعله شفيعا لنا يوم القيامة يوم يفر المرء من أقرب الناس إليه; فكل من لا يتدبر القرآن الكريم قلبه مقفل لا يدخله نور الإيمان ولو كان يظن نفسه أنه مؤمن ومن لم يصدق هذا الكلام ليقرأ قوله تبارك وتعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد: 24] ;هذه وجهة نظر نقدمها للقراء للمناقشة وإبداء آرائهم ونحب من قرائنا أن يتفاعلوا معنا في مثل هذه المواضيع بهدف زيادة الإيمان ولكل من لديه علم ألا يبخل علينا به بشرط أن يكون منطقيا و موافق للقرآن ولا يجب علينا نحن كمسلمين أن نجلس و ننتظر من اليهود و النصارى أن يكشفوا لنا الحقائق والمعلومات وخصوصا نحن لدينا القرآن الذي تكفل الله تعالى بحفظه . ...................................................................................................................
هل الأسباط لهم علاقة ب12 نقيبا من بني اسرائيل ؟؟؟
لقد حدث التباس واختلاط في ارتباط العدد اثني عشر بالاسباط فأبناء يعقوب اثنا عشر شخصا ، والنقباء الذين اختارهم الله من بني اسرائيل كانوا كذلك اثني عشر ، والعيون التي فجرها سيدنا موسى عليه السلام ليشرب منها بنو اسرائيل كان عددها كذلك اثنتا عشرة عينا ، و القرآن الكريم لم يذكر ان عدد الاسباط اثنا عشر سبطا ولكن المفسرين هم الذين ذكروا ان هذا العدد يدل على عدد الاسباط معتمدين على الاقوال التي وردت في التوراة حول الاسباط ، والسبط في التوراة يعني مجموعة من الاشخاص وليس شخصا واحدا ليوحى اليه. وكما رأينا في المقال السابق أن عدد الأسباط هو إحدى عشر سبطا وليس إثنا عشر سبطا وبالتالي يتضح والله تعالى أعلم أن ليس هناك علاقة بين الأسباط وبين النقباء من بني اسرائيل أولا لإختلاف عددهم و ثانيا الفارق الزمني الكبير بين الأسباط و النقباء من بني اسرائيل
لننظر الى الآيات التي يرد فيها العدد اثنا عشر ، منها الآية 12 من سورة المائدة التي تقول: «ولقد أخذ الله ميثاق بني اسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا» من تفصيل الميثاق الذي أخذه الله على بني اسرائيل ومن الوقت الذي تحدثت عنه الآيات نجد انها نزلت لتصف حالة بني اسرائيل بعد خروجهم من مصر مع موسى عليه السلام وهذا الوقت يبعد عن ابناء يعقوب بما يزيد على ستمائة سنة ، ولم يذكر الله تعالى كلمة اسباط بل كلمة نقباء وكلمة تعني الضامن او الضمين على تنفيذ اتفاق او ميثاق ، ومنها الاية 60 من سورة البقرة التي تقول: «فقلنا اضرب بعصاك الحجر ، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، قد علم كل اناس مشربهم» ومنها الاية 160 من سورة الاعراف التي ترد فيها الكلمات نفسها ما عدا كلمة «فانفجرت» التي اصبحت «فانبجست» ، فلم يرد في الآيتين كلمة سبط او الاسباط او اسباط ولكن ذكر فيهما كلمة اناس لتعني مجموعة من الناس ، والحديث عن الآية 160 من سورة الاعراف يجرنا الى كلمة الاسباط التي وردت غير معرفة بأل بل وردت هكذا: أسباطا أمما ، ومن تأنيث العدد نعرف ان كلمة اسباطا تعني فرقا (جمع فرقة) وليس شخصا ثم تبعتها كلمة أمما مرادفة لها ، والامة تعني مجموعة من الناس لهم مميزات خاصة بهم تميزهم عن الآخرين ، قد تكون مميزات عرقية او دينية او مهنية ، في الوقت الذي تعني فيه كلمة الاسباط رجالا يوحى اليهم ، والوحي لا ينزل على مجموعة بل على شخص بعينه.
واخيرا ان ما ورد في القرآن الكريم عن الاسباط وأسباط ينفي نفياً قاطعا ارتباط الاسباط بنقباء من بني اسرائيل ، وهذا الارتباط اخترعه كتبة التوراة كما اخترعوا غيره ، وللأسف الشديد تناوله المسلمون على انه حقيقة مسلَّم بها ، كما تناوله المسيحيون الذين كانوا في ضلال مبين فسهل على اليهود اقناعهم بما ورد في التوراة من اخطاء.
ويجب أن نوضح مسألة في غاية الأهمية هي أن الأسباط لم يكونوا أبدا هودا أو نصارى لقوله تعالى [ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ]{140} البقرة عكس بني اسرائيل الذين جاء منهم اليهود و النصارى والذي خاطبهم القرآن بأهل الكتاب الذين منهم المومنون ومنهم المفسدون كما في بني اسرائيل الذين أفسدوا واستكبروا في الأرض كما جاء في القرآن الكريم ولكن السؤال المطروح ما حقيقة علو و إفساد بني اسرائيل كما جاء في سورة الإسراء ؟ وهل تحقق فعلا هذا العلو أم أنه لم يتحقق وبقي إلى آخر الزمان ؟؟ هذا ما سنحاول تبيانه في المقال المقبل إن شاء الله
مقال جميل بالفعل الاسباط ليسوا نقباء كما انه يعقوب ليس اسرائيل